في ظِلالِ النِعَم
في سَدَفِ الليل، تلمع في السماء النجوم، رغم ما غشيها من غيومٍ، ويظهر القمر كمصباحٍ يَشع نورًا، يا صاح، أفلا تتدبر؟ وأنت منغمس في اليأس، كائنٌ بائس، ما ترى إلا المفقود، بنعم ربك عليك جحودًا، لم تفقه تسبيح النباتات، ولا شكر العاديات، ولا ترى في حياتك إلا الخذلان والخيبات، لما لا تنظر من جهة أخرى؟ دعني أخبرك شيئًا تعلمه ولا تُلقي له بالًا: صاحب الخيول يُطعمها ويسقيها ويرعاها، وهي في المقابل تُضحي من أجله بحياتها، تُساق إلى المعركة راضية، تستنشق غبارًا، ومن شدة الركض تحترق صدورها وأقدامها، قائدها لم يخلق لها السمع ولا البصر ولا حافرًا من حوافرها، فقط أطعمها وسقاها ورعاها، ماذا عنك؟ خلق الله لك السمع والبصر والفؤاد، وسخر الكون بأكمله لخدمتك، أفلا تشكر؟ ألا تستحي من العاديات وتظهر شيئًا من الامتنان؛ فيرى الناس بسمتك كزهرة تتفتح في الربيع؟ راضٍ عن الله الرزاق، ألا نخجل من العاديات ونُحيي عبادة نسيناها، وهي عبادة السعادة، قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ...﴾ [ إبراهيم: 7]، كن ممتنًا لما عندك، هناك نعم اعتدتها تدبرها، وإذا أردت شيئًا رفرف بأجنحة السعي لتحقيقه، متوكلًا كالطير، لا متواكلًا.
آيــة عبـدالـرزاق
سَدف: ظلام
غشيها: غطاها
منغمس: مغمور
العاديات: الخيول