عبور الظل

 


عبور الظل
 
 
  يسير جسدًا بلا روح، يتحرك بتثاقل شديد، وقدماه تتعثران في طريق مليء بالنتوءات، يحاول أن يسند نفسه، فيمد يده نحو جدران خفية، سطحها خشن كسطح جرح قديم، مليئة بأشواكٍ حادة، تترك خلفها جروحًا غائرة تنذف بغزارة، يندفع منها الدم بقوة، كأن الحياة تتركه قطرة قطرة، تلقيه بعيدًا بهدوءٍ مميت يكاد يقتله، حتى خارت قواه، وسقط أرضًا يُصارع المنية، والودق يهطل عليه كنيران حارقة، انتفض البدن في ظلامٍ دامس، كأن نبض الحياة يُبعث داخله على دفعات مترددة، بات الزفير الخارج يتيمًا، لا يتبعه شهيق، كأن الهواء أثقل من أن يُستنشق، كتلته الخانقة تسربت إلى الصدر كضبابٍ سام، رائحة المكان مشبعة بشيءٍ يشبه ذكرى قديمة، ذكرى غامضة ومجهولة، مُرة كأيام الغابر التي لا تُنسى، واللسان كأنه قضيبٌ صدئ، يُثقل الكلمات، ويخنق الحديث، يُصارع بعنادٍ عدوًا لا يُهزم في حربٍ محسومة، ولعابه الممتزج بمرارة حادة، تُفعم الفم بطعمٍ لاذع، أشد قسوة من الفاكهة الحامضة، كأنه يترك في الحلق أثرًا لا يُمحى، وأما عيناه فباتت الرؤية ضباب، لا يرى شيئًا، كل ما يراه طيفًا أسود، وحينها مر أمامه ذكريات كانت قد قُتِلت من قديم الأزل، وجروحها التي في الفؤاد تعافت، سمع أصواتًا خافتة، تهمس له بأنه الآتِ، وأن روحه هي القادمة، حتى توقف المطر عن الهطول، وتباعدت الغيوم، لتظهر شمس الشروق، تُعلن عن بداية جديدة، فهل ستكون بداية مُحارب كان يُصارع الهزيمة؟ أم ستكون بداية لنهاية آليمة؟
 
 
                                                    لِـ چُودِي مُصْطفىٰ "ايسون".

إرسال تعليق

أفرحنا بتعليقك هنا

أحدث أقدم