إحدى القرى الريفية



 في إحدى القرى الريفية، وُلدت أجمل فتاة في العالم، ذات عيون زرقاء كزرقة ماء البحر وشعر أصفر كصفاء الذهب، وبشرة بيضاء وردية. كانت ابنة لعائلة فقيرة تعيش في هذه القرية. كان والدها يعمل بائعًا للحليب، ووالدتها ربة منزل. عاشت العائلة وحدها حتى ولدت هذه الطفلة التي أضفت السعادة إلى حياتهم، لكن فرحتهم كانت ممزوجة بالحزن، إذ لم يكن لديهم ما يكفي للإنفاق عليها، فهم بالكاد يستطيعون توفير قوت يومهم من بيع الحليب.


كانت هذه القرية تخضع لحكم ملك يدعى "أسد"، ظالم قوي يخشاه الجميع. كان لديه زوجة وثلاثة أبناء: فهد، وليث، وسيف. وعلى الرغم من قوته ونفوذه، كان يتمنى أن يرزق بفتاة ليزوجها ابن أحد الحكام ويقوي تحالفاته.


عندما وُلدت هذه الفتاة، انتشر خبر جمالها في القرية، وتعجب الجميع كيف يمكن لفتاة بهذا الجمال أن تكون ابنة عائلة فقيرة. وصل الخبر إلى الملك أسد، وعلم أيضًا بظروف والديها الصعبة. قرر الملك زيارة هذه العائلة لرؤية الفتاة بنفسه.


دخل الملك بيت العائلة الفقير الصغير دون استئذان، مما أثار خوف والد الفتاة، إذ لم يكن أحد يجرؤ على معارضة الملك. وعندما رأى الملك الفتاة، أصابه الذهول من جمالها. لم يصدق أن تكون ابنة رجل فقير، وامتلأ قلبه بالأنانية والطمع، إذ أراد أن تكون الفتاة له.


سأل الملك والد الفتاة عن سبب مجيئه، فرد عليه الرجل بتواضع، قائلاً إنه لو علم بقدومه لذهب إليه بنفسه. ثم قال الملك: "أنت ستفعل ما أطلب". ارتبك الأب وقال: "وماذا يمكنني أن أفعل؟ أنا رجل فقير بالكاد أوفر قوت يومي". عندها، ألقى الملك أمامه حقيبة مليئة بالنقود، وقال: "هذه الحقيبة لك، ستوفر لك حياة كريمة وتعالج زوجتك وتريحك من العمل".


سأله الرجل: "وما المقابل؟" فرد الملك: "المقابل أن تعطيني ابنتك لتعيش معي وأقوم بتربيتها". صُدم الرجل، لكنه بدأ يفكر في الأمر: إذا لم يعطِ الملك ابنته، فلن يستطيع توفير احتياجاتها. وإذا أعطاها له، فإنها ستعيش حياة مرفهة وربما تصبح ملكة يومًا ما.


بعد تفكير عميق، وافق الرجل على طلب الملك، لكنه اشترط أن تعرف الفتاة حين تكبر من هما والداها الحقيقيان، وأن يسمح لهما برؤيتها بين الحين والآخر. وافق الملك وأخذ الفتاة معه إلى القصر وسماها "زينة أسد". رحبت زوجة الملك بالطفلة وأحبتها كابنتها.


مع مرور الوقت، قرر الملك طرد والدي زينة من القرية كي لا تعلم بحقيقتها. ترك الوالدان القرية حزينين ومريضين بسبب فراق ابنتهما. أما زينة، فقد كبرت وأصبحت فتاة جميلة طيبة القلب، يحبها الجميع في القرية. كانت تعامل أبناء الملك كإخوتها، على الرغم من أنهم كانوا يعلمون أنها ليست أختهم.


أحب سيف، الابن الأصغر للملك، زينة، لكنه كتم مشاعره لأنه كان يعلم أنها تظن أنه أخوها. وعندما تقدم ابن أحد الحكام الكبار لخطبة زينة، وافق الملك دون أخذ رأيها، إذ رأى في الزواج فرصة لتعزيز نفوذه.


حزن سيف بشدة، لكنه قرر أن يكشف الحقيقة لزينة. أخذها إلى مكان بعيد وأخبرها بكل شيء: أنها ليست ابنته ولا أخته. صُدمت زينة بالخبر، لكنها شعرت بالراحة لمعرفة حقيقتها. اعترف لها سيف بحبه، وقررا الزواج. ثم ذهبا معًا لزيارة والديها الحقيقيين، فوجدا حالتهما الصحية سيئة بسبب حزنهما عليها.


هرب سيف وزينة مع والديها إلى غابة بعيدة خوفًا من بطش الملك. عاشوا في الغابة حياة بسيطة حتى جاءهم خبر وفاة الملك أسد وتولي فهد الحكم. عادوا إلى القرية حيث استقبلهم فهد وأهل القرية بالترحاب، وعاش الجميع في القصر بسلام وسعادة.



بقلم/ مريم سعيد " حبيسة الماضي "

إرسال تعليق

أفرحنا بتعليقك هنا

أحدث أقدم