صديق الجميع ليس صديقًا لأحد
صديقُ الجميع مَن كان لهم جميعًا صديقًا، هو كالنجمِ يهتدي به السائرونَ في الدُّجى، فإذا أظلمت سماؤهُ، لم يجد مَن يُوقِد له سِراجًا، يُسدي الوِدَّ إلى كلِّ امرئٍ، ويمنح يدهُ لكلِّ محتاجٍ، فإذا خانتهُ سبلُه، وانحنى ظهره؛ لم يجد يدًا تمتدُّ إليه، وكأنَّ الأرضَ لفظتهُ بعد أن احتضنت غيره، يُصبح للناسِ كهفًا يأوون إليهِ في البأساء، وسندًا يتكئون عليهِ إن ضاقتْ بهم السُّبل، فإذا ضاقتْ به الدنيا؛ لم يسمع إلَّا صدى صوته يرتدُّ إليه من جدرانِ وحدته، يظنُّه من حوله جبلًا لا تهزُّه الريح، لا تغترّنَّ بكثرةِ الرِّفَاق مِن حولِك، فما كلُّ من صافحك مُوِد، ولا كلُّ مَن جالسك قريب عهدٍ بك، الصديقُ هو الظلُّ الذي لا يتلاشى حين تنحسر أنوار الدنيا عنك، لا من زاحمك في المجالس، فاتخِذ لك صاحبًا واحدًا، يكُن لك كهفًا، إذا انهارتْ عليكَ الليالي، وسندًا إذا جارَ عليكَ الدهر، فما أكثرَ الخلائق! وما أقلَّ الأوفياء!
گ آية شورة ~سكون~