لوحة تحمل سرًّا
يَمْشِي بِخُطُواتٍ بَطِيئةٍ،
يَقِفُ أَمَامَ لَوْحَةٍ فَنِّيَّةٍ،
يُدَقِّقُ النَّظَرَ فِيهَا فِي صَمْتٍ عَمِيقٍ.
كَيْفَ لِرَسَّامٍ أَنْ يَصْنَعَ تِلْكَ التَّفَاصِيلَ الدَّقِيقَةَ؟
مَلَامِحُ الوَجْهِ تَبْدُو كَأَنَّهَا حَقِيقَةٌ،
تَعَابِيرُ الصَّدْمَةِ تَظْهَرُ فِي عَيْنَيْهِ، فَتَاةٌ فِي فُسْتَانٍ مَطْرَزٍ يَخْتَلِطُ بِبَعْضٍ مِنَ الدِّمَاءِ.
ذَاكَ الرَّجُلُ يَبْدُو أَنَّهُ القَاتِلُ، فَهُوَ يَضْحَكُ. نَعَمْ، ضَحْكَتُهُ تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا صَمْتًا غَامِضًا.
هِيَ لَوْحَةٌ فَنِّيَّةٌ، لَكِنَّ فِيهَا تَتَجَسَّدُ كُلُّ مَعَانِي الشُّعُورِ.
لَمْ تَكُنْ فَجْوَةً فَنِّيَّةً فَقَطْ، بَلْ مَرَآةً لِعَالَمٍ مَظْلِمٍ.
يَشْعُرُ بِأَنَّ كُلَّ سَطْرٍ فِي اللَّوْحَةِ يَحْمِلُ جُرْحًا عميقًا، وَكُلَّ لَمْحَةٍ تَحْمِلُ قِصَّةً تَسْتَجِيبُ لِرُوحِهِ.
وَلَكِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ اللَّوْحَةَ لَا تَحْمِلُ نِهَايَةً، فَكُلُّ لَمْحَةٍ فِيهَا تَفْتَحُ عَالَمًا جَدِيدًا.
يَنْتَظِرُ فَجْرَ الأَيَّامِ لِيُحْدِثَ التَّغْيِيرَ، وَيَحْمِلُ لَهُ لَوْحَاتٍ تَعْزِفُ أَلْحَانَ الجَمَالِ.
ـ رنا حمادة