ولكننا لا نعود لأنفسنا نفسها مرتين
هناك لحظات يُعاد فيها تشكيل الإنسان دون أن يُدرك، يمر بصراعات تأكله من الداخل، تتراكم عليه الأوجاع حتى يُصبح صوته في داخله وحده، يتلاشى في زحام الحياة دون أن يلحظه أحد، حتى يخاله أنها تود انتزاع روحه، يمضي في دروب لا يدري كيف أُجبر على السير فيها، يختنق بصمتٍ لا يدركه أحد، يقاتل وحده في معركة لا شهود لها، لا تصفيق عند الانتصار، ولا عزاء عند الهزيمة، فقط هو وظله، يتغير شيئًا فشيئًا، يتحول إلى شيء آخر، شيء لا يشبه ما كان، فلا أحد يرى كم احترقت روحه، ولا أحد يسمع صوت الانكسار داخله، هم فقط يلاحظون التغير، يتذمرون، يتساءلون، وكأن المرء حين يُطحن تحت وطأة الأيام يُفترض به أن يظل كما كان، لكن لا أحد يظل كما كان، فالجرح يترك ندبة، والانطفاء يخلّف رمادًا، والإنسان، مهما حاول، لن يعود إلى ذاته ذاتها مرة أخرى.
آية شورة /سكون
