زاوية بعيوني

 زاوية بعيوني



بقلم: مريم سعيد "حبيسة الماضي"

لمن جاءت كأنها نجاة


في زحام الحياة، كثيرون يعبروننا دون أثر، يُصافحوننا دون دفء، يشاركوننا الطريق لكن لا يمسّون القلب؛ لكن بعض الأرواح، حين تأتي يتوقف الزحام. تلك الحكاية ليست فقط عن صديقة؛ بل عن نجاةٍ تمشي على قدمين.



---


وجدتُكِ رغم زحام الدنيا


لم تكن الحياة عادلة يومًا كثيرًا ما شعرتُ أنني أواجهها وحدي، أرتجف في البرد بينما يتظاهر الجميع بأنهم لا يرون، كان العالم سريعًا، قاسيًا، مُتعِبًا، وكأنني كنتُ أُطارد أملًا لا يُريد أن يُمسَك، ووسط الزحام؛ وسط الناس الذين يمرّون ولا يبقون، الذين يسمعون ولا يفهمون، ويعدون ثم يرحلون، جئتِ أنتِ، لا أعلم إن كان القدر من ألقاكِ في طريقي، أو أن قلبي تعب من الانتظار فخلقكِ خيالًا، لكنكِ كنتِ حقيقية، بشكلٍ لا يُشبه أي أحد، لم تكوني مجرّد صديقة، كنتِ السؤال الوحيد الذي لم يُرعبني جوابه، واليد التي امتدّت حين سقط الجميع، كنتِ تفهمين دون شرح، وتشعرين بي قبل أن أنطق، وفي كل مرة انهارت فيها روحي بصمت، كنتِ الحصن الذي لم ينهدم. أحببتُ فيكِ الأشياء التي لا يراها أحد؛ طريقة صمتكِ حين تبتلعين وجعكِ كي لا تثقلي على أحد، تفاصيل خوفكِ من الفقد، رغم أنكِ لا تبوحين، ورعشتكِ الصغيرة حين تضغط الحياة عليكِ أكثر مما ينبغي، وإصراركِ رغم كل ذلك أن تبتسمي، فقط لأجل مَن تُحبين، كنّا نُكمل بعضنا في الغياب كما في الحضور، نختلف، نعم ونتصادم أحيانًا؛ لكن شيئًا فينا كان يُعيدنا لبعضنا دائمًا، لا كبرياء بيننا؛ لأن القلب يعرف، ويكفيه أن يشعر كي يسامح، وفي كل مرة كانت الدنيا تُبعدني عنكِ، كنتُ أراكِ في كل شيء جميل، في أغنية أعرف أنكِ تحبينها، في كوب القهوة الذي تتظاهرين أنكِ لا تحتاجينه، في المواقف التي كنتِ ستسخرين منها لو كنتِ بقربي، ورغم أنني لا أعلم ما تُخبئه لنا الأيام، ولا إن كنا سنظل نكمل الطريق يدًا بيد؛ لكنني أعلم هذا: أنكِ حين جئتِ، توقف الزحام حولي، وصار العالم أخيرًا يتّسع لقلبي. وجدتُكِ رغم زحام الدنيا؛ فلا تسأليني كيف أحببتكِ، اسألي الزحام، كيف اختفى. في كل عدد، سأنظر بعيوني وأكتب، ربما أجدكِ أنتِ، في السطر التالي.

إرسال تعليق

أفرحنا بتعليقك هنا

أحدث أقدم