بقايا إنسان

 بقايا إنسان



افترس الحزن جسده، وسلب منه حياته ببطءٍ قاتل؛ حتى بات يمشي كقبرٍ مفتوح، يتنفس الوجع دون أن يُدرك إن كان حيًّا أم ميتًا، ها هو يجلس وحيدًا، يجاوره طيفٌ من ماضٍ أبى أن يرحل، كأنه تعمّد أن يبقى شاهدًا على احتضاره البطيء، عاريًا من كل شيءٍ إلا وجعه، بفكين مفتوحين، كأنه ظل يصرخ حتى خرت حنجرته نزفًا إثر تقيؤها، شكله مخيف، بشع؛ قد شوّهته الأحزان، ومزّقته الخيبات، وخانته روحه بتركه لجسدٍ مبلٍ، كأنه شبحٌ تاه بين الأزمنة، أو ربما هو مجرد إنسانٍ نهشه الانتظار كما تنهش الذئاب فريستها، كل ما حوله عتيق، كأن الزمن جف على أعتاب هذه الغرفة، شبيهة المقبرة، لا أعلم ما الذي كان ينتظره، ولا مَن، لكن ما يثير تساؤلي حقًا هو: أي قلبٍ هذا الذي غرس الأمل، ثم رحل دون رجعة؟

 أي قسوةٍ جعلت الروح تختار الفناء على الاعتراف بعدم مجيء أحد؟ 

إنه ليس مجرد رجلٍ مهزوم، بل بقايا إنسانٍ خذله من انتظر، فخانت الحياة قلبه.


گ/أماني محمد"حور"

إرسال تعليق

أفرحنا بتعليقك هنا

أحدث أقدم