اجتثاث الروح
لم يكن الرحيل مجرد غياب، بل كان اجتثاثًا للأمل من جذوره، ترك خلفه ظلًّا من الحنين ودمعة لا تجف، وكأن من يرحل يأخذ معه قطعة من الروح، يتركها تتخبط في العدم، تتوسل للبقاء، ناديتك لكن صوتي تلاشى في الفراغ، ضاع بين أصداء الصمت، وعاد إليّ محمّلًا بالخذلان، يا فاتك القلب عُد، ألم يضربك الحنين بعد، أم أن الوهن اختار قلبي وحده بيت، كنت أظنك ملجأي، وطنًا يحتويني، فإذا بك تصير الغربة التي شردتني، تركتني بلا مأوى بلا يد تمتد لتمسح عني وحشة الفقد، أعمتُك أنانيتك؛ فرأيت جرح يدك فقط، بينما كنتُ أنزف بكامل نبضي بجروحٍ غائرة لا تلتئم، بألمٍ لا يهدأ ولا يفنى، أعنّي على فراقك علّني أتعلم كيف أختزل وجودك في ذكرى لا تجرحني، كيف أمسح آثارك من دروبي دون أن أتعثر بها كلما خطوت، أخبرني كيف استطعت أنت أن تصم أذنيك عن ندائي، كيف رحلتَ وكأن شيئًا لم يكن؟ يا مِلح المدامع خَذلتني، ووضعت أثقالا على أثقالي، ألم أُخبرك أنك ملجأي، فلِمَ كويتني وأوقدتَ نارًا فوق ناري، يا مِلحَ المدامع، أما كنتَ عزائي؟ فكيف خذلتني وأثقلت كاهلي؟ وقطعتَ حبل الوصالِ كأنني، شبحٌ لا تعتريهِ الأسدالِ.
گ/أماني محمد"حور"