رسالة أخيرة
ارتدت ملابسها، تأكدت أن لا يظهر منها شيء إلا وجهها وكفّيها، ثم خرجت من غرفتها. سمعت صوتًا صادرًا من والدتها، كان يعبر عن ضجرها من تلك الملابس، وسمعتها تخبرها أيضًا بأنها غاضبة عليها إلى يوم الدين. نظرت إليها وأخبرتها بهدوء أنها ذاهبة، ثم نزلت الدرجات وهي لا ترى أمامها، وصوت والدتها يتردد في أذنيها، والدموع في عينيها تحجب عنها الرؤية. مسحت دموعها وأكملت سيرها.
انتهى يومها بالخارج، لكنها لم تستطع نسيان ما حدث منذ الصباح. كانت تسير شاردة، تحدّق في الطريق دون أن تراه، والآن تعبر الشارع، لكن فجأة… سيارة مسرعة تصدمها! لم يكن الخطأ خطأها، لقد تفقدت الطريق قبل أن تعبر، لكن هذا ليس ما يشغل بالها الآن. تشعر أن هذه نهايتها، أنها ستغادر الدنيا دون أن تكون والدتها راضية عنها. سترحل وآخر كلمات سمعتها من والدتها كانت الغضب والرفض.
تدرك أن رضا الله أهم، وأنه "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، لكنها تتساءل: ماذا لو أطاعت والدتها وارتدت ما أرادت؟ كيف كانت ستقابل ربها؟ بمَ كانت ستجيب لو سألها عن حجابها؟ أرادت البكاء، لكنها لم تستطع. الأصوات تتداخل، الرجال يلتفون حولها، تريد أن تتحرك، أن تغطي نفسها حتى لا ينكشف منها شيء، لكن جسدها عاجز، ولسانها لا يطاوعها
بعد مدة أفاقت، وجدت نفسها في المشفى، والدتها بجانبها تبكي، وأختها الصغيرة تمسك يدها. حاولت التحدث، خرج صوتها ضعيفًا، وأول ما قالته:
"سامحيني يا أمي."
بكت والدتها، أمسكت يدها، وقالت:
"أنا راضية عنكِ، فقط عودي إلينا."
لكنها كانت تشعر أن النهاية قريبة، فاستجمعت ما بقي لها من قوة وقالت:
"تخيلي يا أمي لو أنني ارتديت تلك الملابس الجميلة التي اشتريتها لي، والتي صرختِ في وجهي صباحًا لأنني لم أرتدها، كيف كنت سأقف بها بين يدي ربي؟"
سكتت لوهلة، ثم أكملت بصعوبة:
"أمي، وصيتي لكِ أن تنصحي الفتيات بالحجاب الشرعي، أخبريهم أنه ستر بين المرأة وربها كما أخبرنا النبيﷺ، أرشديهن يا أمي، فأنا لم أستطع فعل ذلك."
كانت الكلمات تخرج من جوفها بصعوبة، ودموعهن الثلاث تنهمر، أخبرت وصيتها، وما مرّت إلا دقائق، ثم غادرت الدنيا، لتكون هذه رسالتها الأخيرة.
ماتت ابنتها، لكنها لم تمت بداخلها. حديثها عن الحجاب يطاردها، وكلماتها عن المرأة في الإسلام تبكيها. نعم، تبكيها كلما تذكرت صباح يوم وفاة فلذة كبدها.
رفع الإسلام شأن المرأة، وصانها بما شرعه لها. انظروا إلى دول الغرب التي تتابعونها، ستجدون المرأة هناك مجرد سلعة، تظن أنها تنال حريتها بإطلاق العنان لهواها، لكنها في الحقيقة تهدم ذاتها. تريد أن ترتدي ما تشاء، ثم تبكي حين يُنتهك جسدها، فتكون كأرض فلسطين المحتلة، دُمّر جمالها، وأرهق أهلها، فغلبها الحزن وانطفأت روحها. لكن الله قد حفظها بأوامر فرضها: كالحجاب، والعفة، وغض البصر. التزموا أوامر ربكم، تنعموا بالسعادة.
شاهدوا تلك التي تسير وحسناتها في ازدياد، لأنها أرضت ربها في ردائها، لم تتزين لغير محارمها، ولم تسعَ لجذب الأنظار، بل اختارت طريق الرضا والوقار، فكان جزاؤها رضا الله عنها ورفع منزلتها.
أنهت الأم حديثها، ثم شرعت في الدعاء لابنتها، نفّذت وصيتها، وأصبحت تدعو الفتيات إلى الحجاب. أرادت أن تسعد ابنتها في قبرها؛ ليكون لها أجر في كل من سترتدي الحجاب الشّرعيّ بفضل كلماتها الأخيرة.
تسنيم صدقة «نِــجـمَـة».
تحفه ي عيوني🥹💗💗💗
ربنا يثبتنا و يقدرنا ع ال طاعه ي روحي ❤️
استمري 🥹