من تعلَّقَ بشيءٍ، عُذِّبَ به

 من تعلَّقَ بشيءٍ، عُذِّبَ به 



من أفدح الآثام التي نقترفها في حق أرواحنا، هو إن نُلقي بها في جُب التعلق، فأي تشبث بغير الله هو انتقاصٌ للنفس ووأد لروحها، حين نسلم قلوبنا لذاك القيد، تُعصم العينان، ويُلغى المنطق، فتصبح خُطانا مُرتبكة، تقودها الأهواء لا الإدراك، لنجد أنفسنا مُسيرين في طرقٍ لا نريدها، لكننا نخوضها خشية أن تهوى أيدينا فارغة ممن تشبثنا بهم، للوهلة الأولى نظن أن التعلق أمان، نراه دفئًا وسندًا، حتى نكتشف أنه كحيةٍ تتلوى بنعومة، تُطبق على فريستها في غفلةٍ منها، نظنه احتضان، كأنها تحمينا بين لفائفها، فنطمئن ونستسلم، لكن ببطء يبدأ الخناق بطيئًا خفيًا، يتسلل كهمسٍ وديع، حتى يصير صرخةً في دُجى ليلٍ، فلا تجد الروح مهربًا من قبضة الهلاك، وما أشد قسوة أن يكون السجان هو ما حسبناه وطنًا!

التعلق قيدٌ يجب عليك فكه لتنجو، أعلم أنه ليس بالأمر السهل، فهو أشبه باجتثاث نصلٍ مغروس في اللحم، حيث الألم محتوم لكنه السبيل الوحيد للشفاء، فلا يُبَرأ الجُرح إلا إذا تحرر من رُمحه، النجاة تكمُن في إن تُسقى الروح بحب ذاتها، وحدهم من أجدبت قلوبهم يلقون بأنفسهم في هاوية التعلق، النجاة في بناء أفئدتنا على أُسس لا تهزها الخيبات، النجاة ليست في الإستمساك، بل في التخلي عما يستنزفنا، ولو كانوا ساكني أفئدتنا.


گ/أماني محمد "حور"

إرسال تعليق

أفرحنا بتعليقك هنا

أحدث أقدم